جالست على النت لحد بليل كالعاده عشان النت بيكون أسرع , أذن ُ للفجر و الحمد لله صليت الفجر فى الجامع و رجعت كملت قعاد على النت , و نمت حوالى الساعه 7 , صحيت على تليفون حوالى الساعه 1.5 الكورس اللى باخده كان هيتلغى بس متلاغاش فى الاخر. طبعا معرفتش أنام بعد الخبر ده و صليت الظهر
.
كان الاستفتاء هو الحوار السائد فى بيتنا كأنه عيد أول يوم ديمقراطيه . الام ذاهبهً مع الجيران الى الاستفتاء . الاب لا طاقه له بتحمل أشعه الشمس و الطوابير فهو شيخ معاشى كبير أرهقه المرض من ضغط و سكر و أمراض أٌخر ترضيه معرفه ما رست عليه أَصُل الديمقراطيه فى بلدنا . أفتت الاخت فى لجنه المجاوه لعملها . الأخ أفتى صباحاً فى لجنه فى طريق عمله
.
فى حاله السعاده هذه للبوح النزيه بالرأى كان جلُ ما يداعب مخيلتى هو الاستفتاء الاستفتاء الاستفتااااااااااااء ,كم الساعه التى سأذهب فيها لللإفتاء و أين هذه اللجنه المباركه التى ستستوعب فتواى , أم أفتى فى أقرب لجنه فى طريق ذهابى للكورس أم فى طريق عودتى حتى لا أتاخر على الميعاد بضغط علمى بإغلاق باب الافتاء الساعه 7 .
درجه الحراره يومنا هذا 29 أو 30 - كنت أفكر فيما ألبس -لا أريد أن أرتدى حُلهً نصف كُميه حتى لا يرمقنى الناس بنظرات مريبه كأنى أت من كوكب الزَهُرَه و يغبطونى لقاء جواكتهم الثقيله , نعم إنه ذلك التى شيرت الازرق الذى أبتعته – مذ سنين - من يونايتد أف جينس – إن عددت مرات لبسى لذاك التى شيرت لن يتعدوا بضع مرات - الحمد لله أرتديته .
نزَلتُ ذاهباً للكورس رَكبتُ الميِكروباص - وات ايفار مواصله يعنى – و بالطبع أخذ السواق يمرجحنا فى عربته , دخلت باب المترو سالما من عيون الناس و الحمد لله لم يقطع طريقى أَحَدُهُم لقطع التذكرهَ أمامى أو هذه الحركات المستفزه , نزلت من المترو , مشيت فى حر الشمس , حاولتُ التخفى من لهيبها قدر المُستطَاع الى أن وصلت مركز الشركه
.
هذا اليوم خاصه لم يتحاور الاءنستراكتور – مقدم الكورس - معي إذ نحن فى خلاف أراء دائم مستمر . جلستُ و خاطرهُ تأنيب ضمير تلاحقنى أترى السيده المصريه الطيبه مرتديهُ الجلبابِ الصعيدىِ ذاهبهً للاستفتاء و أنت أيها الحاسوباتى - تحدثنى الخاطره - , ترى أنامل الرجال فى المترو محلاه بالفسفور البنفسجى و أنت أيها الحاسوباتى , ينظر الرجال اليك باحثين عن الفسفور أين فسفورك أيها المصرى الناس و يؤنبنى الضمير ,جلست على الانترنت فى الشركه - كمحاوله لإرضاء الخاطره و إستإصالِ شأفتِها و إزاحتها عن رأسى - بحثت عن أقرب لجنه إفتاء فى طريق العوده
.
تأخر المشتركون فى الكورس كعادتِهم عن الرابعه و طفقوا فى القدوم بدءاً من الرابعه و الربع . أسئل كل الداخلين سؤالاً لا يتغير و لا طريقه طرحه أسفتيت أم لا ؟ يقول :" أه روحت " , فأقول :" بجد يورينى صباعك كده " , فيقول :" أهه بس عادى بيطلع مش لازم 24 ساعه " , أين فسفورك أيها الحاسوباتى - تعود الخاطره كلما أسمع تللك الإجابه - , فيقول :" هاه روحت ولا أيه " , فأقول :" لا لسه و أنا مروح إن شاء الله "
.
ثم نتحاور بعض الوقت فى أختيار نعم أم لا , وعن طرائف المستفتين , و أتعجب مما يحدث من المستفتين من تسأُلُاتهم أنقول نعم أم لا ؟ , و شمتوا و الاءنستراكتور في قليلاً و حاولت إقناعه أن يُنهى جلسه اليوم قبل السابعه بوقت كاف للذهاب لللجنه التى فى طريق رجوعى للمنزل و كنت قد فقدت الامل سلفاً للإفتاء و رضيت بالأمر الواقع أن لا فرصه للإفتاءك أيها الحاسوباتى ,لا فرصه لإحتفالك بعيد الديقراطيه
.
بدأت الجلسه و ظللت أكُرر على للاءنستراكتور بالله عليك لا تنسى أن تُنهى الجلسه قبل السابعه , فيقول مازحاً :" أدام هتقول لا مش همشيك ". كنت أحُاولُ أرضاء نفسى بلا أمل و قاربت الجلسه على الانتهاء و أنا أحُفز نفسى بتكاسل على الاسراع من تطبيق ما اخذناه فى الجلسه للذهاب
.
و بالفعل خرجت و أسرعت فى الوصول الى المترو أحاول أخفاء أناملى ذات الون البشرى الطينى غير المخلوط بطلاء عيد الديمقراطيه الفسفورى البنفسجى اللون لائماً نفسى على خيانتى للديمقراطيه مستحضرا خجلى يوم غد مع الحاسوباتيه مطأطئاً الرأس لهذه الفعله المشينه و أشرفت السابعه ففقدت الامل تماما فى الإستفتاء و قلت فى نفسى قدر الله و ما شاء فعل.
دخلت بيتنا , سلام عليكم سألت الام " أستفتيتى " , قالت : " أه أنتا لسه " , قلت فاقداً كل أمل فى أسترداد رأيى : " ما خلاص الساعه 7.20 " , قالت : " لا لسه هيخلص الساعه 9 و قالوا كمان 8 " , الله أكبر رُودَت إلىىَ رَوحى جاءنى صوتى أذهب ايها الحاسوباتى و أبيض وجهى
.
هرعتُ بالشبشب دون خلع الشراب الى الباب دونما شربه ماء نزلت السلم مسرعا أخخ نسيت شيئاً ما القلم حتى انى لم اخذه معى الكورس و رجعت لأخذه حاملاً هم الوقت الضائع فى البحث عنه فصدتنى الام قائلاً : " لا هما هيدوك قلم " , فحمدت الله على ذلك , و نزلتُ السلم و أسرعت الخطى فى السير أحسستُ بأن الناس اللذين رأونى صاعداً قد عرفوا أنى ما نزلت مسرعا هكذا إلا للذهاب لأقرب لجنه ممكنه , و سرت فى شارع أنهكته المطباط الطينيه المتكونه من تراكم الاتربه و نفايات الاسواق المصريه إشى أشر بصل , بقايا خضروات , فاكهه فاسده و ربما بواقى طعام و ما الى ذلك و المياه التى يلقى بها أصحاب المحال بقارعه الطريق لتلطيف الجو , و أجتمعت الأخيره و هموم البشريه مذ أبينا آدم الى يومنا هذا و سير النساء الممل البطىء المعوج الغير متوقع عليىَ فى سيرى الى اللجنه المشهوده
.
وصلت اليها ها هى اللجنه . عرفتها من الرجلين الملتحيين مما قيل لى سابقا بوجود أمثالهم فى معظم بل كل اللجان الاستفتائيه فهمِمتُ بالدخول للأفتاء فصدنى مَدنىُ و شُرطىُ و جُندىُ جيش ملوحين بأيديهم متحددثين بصوت عطل سماعه آذان العشاء, فكأن روحى قد سلبت منى و مرت أحداثُ هذا اليوم فى خاطرى للحظه , مالى أسير خلف هذا الأمل الضعيف الباهت و أنا أعلم مسبقاً بميعاد الانتهاء و أوشكت الدموع على الانزلاق لولا أن أسرعوا فى لحظه أخذِ نفسٍ من المؤذن بإرشادى الى لجنه أخرى مستمره حتى نفاد المستفتين فاسرعت اليها متخطياً الناس و النساء فأدركت قوله رسول الله و أمنت بها إنكن حقاً ناقصات عقل و دين
.
و إذا أنا أسير اليها فإذا برجل حليق الذقن أشيب له شارب متدلى على فمه تعلوه شُعيرات بيضاء تُعطيه هيبه مرتدى جلباباً ذات لون باج داكن و نظاره كبيره يخترق كل عقبهٍ أمامه و أمامى يعترضه الناسُ بكلماتهم التى تدل على جهلهم بمقصدة . اللجنهُ مقصدة و لكن يُخَيَلُ الى ناظره أنه رأى الكعبه يجرى يهرول يزحف اليها و لكنى أيقنتُ من أول وهله أنه ذاهب الى اللجنه المنشوده المبتغاه أيقنت ذللك بشعورى بأن قد مر به ما عايشتَه فى يومى هذا , فتناسيت جوعى و عطشى حيث لم أَكل غير وجبه الفطور وما شربت قطره ماء مذ نزولى الاول , فأدركت أن طريقى خلفه فتبعته فى كل حركه وما كانت من عقبه الا النساء تواجه رائى الكعبه و كلما أقتربَ من اللجنه كلما زادت سرعَتَهُ و أشرأبت روحه إليها
.
وصل الى كعبته و صلى ركعتين و تمسك بريتاجها , و وقفت فى صف من صفوف اللجنه الصف فحمدت الله أن لم تُغلَق و لكن قَيلَ أن قد وُقف هذا الصف فوقفت فى صفٍ آخر ظاناً فى كل لحظه أن الوقت قد أنتهى و لكنهم يستمرون فى فتح اللجنه إرضائاً لرغبات المستفتين الجوعى بالادلاء بأرائهم الحقيقيه و أدليتُ برأيِى فى الاستفتاء و غمزتُ يدى فى الفسفور البنفسجى و لله الحمد والله أعلم بما تم اللجنه بعد التاسعه و النصف
.